" ذات الرفيف "
تأليف: نجمة آل درويش
تصميم غلاف: شروق سويلم
انشر معنا على الموقع وتواصل معنا مباشرة
اهداء كتاب
الإهداء:
إلىَ كلِّ مَن أَلْهَمَني أنْ أكتُبَ حَرفًا وَ السِّرُّ أنَّهُ قالَ لي اُكتُبي ...
شُكرًا لَكم ...
اقتباسات من كتاب " ذات الرفيف "
الاقتباس الأول:
يَبدو أنِّي أحسنتُ الصُّنعَ حينَ قرَّرتُ أنْ أستقلَّ وأسكنُ منزلًا خاصًا في منطقةٍ بعيدةٍ ...
أشعرُ بدَاخلي أنِّي كاتبةٌ عظيمةٌ لكنْ هذهِ الكاتبةُ تحتاجُ مكانًا أغلبُ أوقاتهِ سِمتهُ الهُدوء، والمنطقةُ الَّتي أعيشُها مكانٌ غيرَ مُؤهلٍ لِذلك.
مدينةٌ يَغلبُ عَليها الزَّحمةُ والشَّوارعُ الواسعةُ الَّتي تَعجُّ بصوتِ السَّياراتِ والشَّاحناتِ والأسواقِ، وهَذا يُؤلمُ عَقلي ويُتعبُ جَسدي ويُنَكسُ رُوحي، ثمَّ إنَّ رُوحي والمنازلُ والأسواقُ والقرىَ والمُدن والبحارُ والأنهارُ والحدائقُ تُخاطبُني بلغةٍ قاسيةٍ وجافةٍ، تقولُ لي بصوتِها الأجَشُّ :
مَن أنتَ؟
الاقتباس الثاني:
غَامَّتْ حواسُّه وركِبَ القِطارَ المُسافِر في رحلةٍ تتُوقُ لهَا الَّلحظَة.
دائِمًا في الإغْفاءةِ المُتعمدةِ نجدُ مَن يُوقظُنا مِنها، شلَّالٌ مفاجئٌ مِن المطرِ حطَّ عليهِ وتفتحهُ ليشاهدَ الصَّورةَ قبلَ أنْ تنْطفِئ.
خلعَ نعلَيهِ ومرَّغَ قدماهُ في الماءِ وطَراوةُ تُرابِها، يقولونَ ما أفعلهُ الآنَ مِن أفضلِ علاجاتِ الطَّبيعة.
بَغْتةً وفي أقلِّ مِن دقيقةٍ لا أحدَ يعلمُ كمِ المقدارُ بالتحديدِ، الصُّورةُ توقَّفتْ والمطرُ وقدَماهُ، ارْتطمَ رَأسُهُ بالجذعِ القَاسي للنَّخلة، لَامسَ بيدهِ جَبينَهُ فرأىَ الدَّمَ يَسقطُ وسقطَ مَعَهُ، أحسَّ بدَوارٍ في رأسهِ، غابَ عنْ الوَعي، وهُناكَ في الظُّلمَةِ يَبدو أنَّ (حسَّان) كانَ مَعه، بلْ إنَّهُ مَعهُ.
مِن عُمقِ أمواجِ البَحرِ الشَّديدِ ... الرُّطوبةِ ... كانَ هُناكَ يُشيرُ بيدهِ ... و يُنادِيهِ...
الاقتباس الثالث:
مَاذا يَقدَحُ الفُضُولُ مِن تفاصيلٍ؟
وَهذا الحُزنُ المُوَشَّىً بِلُبِّ الألَمِ، أيُّ يدٍ تَسحبُ مِن غَيْمهِ ذلكَ الحَليبُ المُخَبَّأْ في صَدرِها لِيهْطُلَ حَنانٌ بهيئةِ أُمٍ ... مَاذا نَحكي في مَغبةِ الّليلِ؟
صَوتٌ صَادرٌ مِن أجْنحتهِ، بُكاءٌ مِن نَهدِ غَيْمتهِ وَ سُيولٌ مِن الألمِ يُسْقِطُها حنينٌ يدوسُهُ ظالمٌ نُحِتَ مِن حديدٍ لَا تكْسِرُهُ سُوىَ يدُ الغيبِ .
يَنظرُ إلى الأعلىَ يُحدِّقُ في السَّماواتِ ويُخيْطُ جُروحَهُ السَّبعةَ مُعتمدًا علىَ تلكَ العَظمةَ الّتي تَمُدهُ بخيوطِ الأملِ.
لَا شَيءَ أبدًا يُمكنهُ أنْ يُضعِفَ قوةَ الفتىَ النَّاشئِ في أحضانِ العلمِ والإيمانِ.
فِي غَمرةِ تَفكيرهِ؛ ألِحُّ علىَ الَّليلِ أنْ يُسلِّمَهُ للبَارئِ ساعةً يستريحُ فِيها لعلَّهُ يرىَ أُمَّهُ تَحتضِنُهُ فِي المنامِ وتَمسحُ تعبَهُ وتنْسيَهُ كلَّ العذابِ.
فَقطْ حِجرُ أُمي كَفيلٌ بعملِ هَذا كلِّه ...
لَيْتها تَأتي ...
لَيْتها تَأتي ...
الاقتباس الرابع:
هَبطتِ الأجسادُ إلى البلدِ الأخضرِ ( لُبنان )، شعُرتْ مريمُ بتحسنٍ مدَّ جسَدُها بشعاعٍ أحْيا رُوحها وَ وِجدانها ... هَكذا الأحبَّاءُ حِينما يلْتقونَ وإنْ كانتْ مريمُ لا تتلمَّس مشاعرُ عبدُ الله وَلا تعرفُ إلَّا ذلكَ اليسيرُ مِنها ... لمْ يَبحْ إلَّا مرةً أو مرتينِ لهَا بكَلمةِ أُحبُّكِ .. ورغمَ أنَّه في أيَّامِهم الأخيرةُ كانَ يُنكرُ هَذا الحبِّ ويؤنِّبُها أشدَّ تأنيبٍ ويقسوَ عَليها أشدَّ قسوةٍ ... ولكنْ يُخامِرُها إحساسٌ أنَّ وراءَ تلكَ العواصفِ الَّتي يَضربُها ويوجِّهُها لها؛ حبٌ كبيرٌ ونسماتٌ خفيفةٌ ولكنَّهُ يُخبِّئُها في قاعِ قلبهِ الّذي يتمزَّقُ حُزنًا عَليها في غيَاهبِ الظَّلامِ ... سَكبَ زوجُ مريمَ (مُحمد) كُوبَ الشَّاي السَّاخنِ.. نَاوَلها الكُوبَ وهوَ ينظرُ لخطوطِ وَجهها وتموجاتِ شَعرها، رُبما وجدَ فِيها بواطنَ حُزنٍ وأسىَ، ابتسمَ لَها برقةٍ وبادَرها بالحديثِ : هلْ هذهِ أوَّلُ مرةٍ تأْتي لَها لِهَذا الوطنِ؟ هيَ والدَّمع تكادُ تتساقطُ، لوْلا أنْ حبستْها بطرفِ المنديلِ : لَا فهذهِ البلدُ زُرتها مراتٍ عديدةٍ وأعرفُها حقَّ المعرفةِ .
جميلٌ حَبيبتي إذَنْ لا نحتاجُ دليلًا سِياحيًا، غدًا نترافقُ إلى أجملِ أماكِنها .