تأليف: شروق علي
تصميم غلاف: منى شومان
انشر معنا على الموقع وتواصل معنا مباشرة
نبذة عن المجموعة القصصية " لين "
النبذة:
" لين " هو - إشارة لكونه عملاً أدبيا - مجموعة قصصية تتحدث بين طياتها عن المواقف البسيطة التي مرت بها الكاتبة وكيف تعاملت معها بمنتهى اللين واللطف، تسرد لنا جانباً من بعض ما قد مرت به، أو شهدته من مواقف؛ تعبّر عن ذلك في عملها " لين " بمجموعةٍ من القصص الشيقةِ والمتنوعة.
اقتباس من المجموعة القصصية " لين " تألف شروق علي
الاقتباس:
لكن الواقع ارغمني ان اكون هنا في هذا المقهي اعمل لاخر الليل اجلد ذاتي لاهرب من وحدتي فغريبة مثلي في مكان كهذا بلا مأوى و لا معارف تعمل لنسيان الماضي و لزوال ما قد تبقي من بقاياه داخل نفسي و لكنه يطاردني , يطاردني كفريسه سهله ينبغي القضاء عليها و كأني العدو المحتم له .
انغمر تحت مظلات الوقت ارجو ان يمر بسلام دون الوقوع في اسره .
حتى ادمنت العمل فهو سبيلي للهروب اضمحل فيه ولا استيقظ الا حين تنسل ستارة الليل و يبدا الظلام في الزياره في موعدة حينها يأتي موعد رحيلي في منتصف اليل وحدي , و لكني تعودت ان اكون بمفردي دائما فكما ذكرت اني غريبة هنا , غريبة نفسي , اعيش بمفردي و اكل بمفردي و امشي بمفردي بلا صديق و لا معارف ,
فقد اعتدت الامر و اعتدت ان اكون قوية بمفردي فادركت بعد معاركٌ عِدة ادركت ان الوحدة قوة و ان التخلى قمة الجبروت و ان الاعتماد النفسي هو الكيان الصادق الوحيد في هذه الحياه
اجول الازقة و الحارات بعد انتهاء عملي في منتصف الليل اشاهد خيالات الماضي تلاحقني بعد ان حاولت ان تتملكني في عملي و لم تفز بهذه المعركة بعد ولكنها لم تستسلم و لم تيأس من المحاولة تكرارا و مرارا ¸لكني احاول التغاضي عنها بالالتفات لكل ماهو حولي كمراقبه الباعه المتجولين او النظر الى بعض تفاصيل الحياه المهمشة التي لا يلتفت اليها احد الاحظ الكلاب التي تعوى و تجري في منتصف الشارع بلا رقيب و بعض السكاري الذين يترقبون جسد امراة مثلي و هم مترنحين مستغربين كيف لفتاه مثلي تمشي في هذا الليل و هذه الحواري الضيقه وحدها بالطبع يعتقدونني من احدى فتيات الليل الذيت يتجولون باغراء بائعين للهوى .
و لكن لم ابد لهم اي اهتمام و لم اعِر لمضايقاتهم اي رد فقط اتمسك بمعطفي و نظري يتأمل الارض احتضن ذاتي و انا امشي بلا خوف و لا مبالاه بما يدور حولي لا املك سوى ان اذهب بيتي سالمة و كلّي ثقة بان احدا لن يعترض طريقي , لا يلفت انتباه هؤلاء البغضاء سوى الفتاه المهزوزة التى ينقصها ثقه او ينقصها بعض الملابس او الحياء و لحسن حظي اني لا انتمي لهذه الخيارات ..
لطالما احببت الظلام و كأنه ملاذي الوحيد ,النور الخافض ,الاماكن المظلمة التي تقل فيها الانفاس و يكثر فيها الهواء المطلق الحر و يزداد فيه استنشاق الشهوات , الطرقات المظلمة بكل ما تحويه من وحشة الا انه يحتوي بعض من الالفة بعض الحنين المنسي من قبل الايام التي غمرتني في ايامي الاخيره في هذا العمل ..
و اذا وضعت كافة الطرقات امامي المفتوحة المغرية بالناس و الاضاءات لاخترت الظلمة حتي لو لم يكن طريقي الوحيد ناهيك عن انه طريقي المختصر الاسرع للوصول الى البيت ...
تقطعت افكاري و اقتحم عالمي صراخ لم اعي من اين اتي و لا مِن مَن ؟
فاقتربت اكثر و ظللت احافظ علي مسارى احاول تفادي سماع او رؤية اي شئ يزعج كياني دون ان اتدخل .
فإذا اتضحت الصورة اكثر فأكثر لم اجد نفسي الا امامهم هؤلاء السكارى الذين اعتدت رؤيتهم يوميا مجددا ...
لكن هذه المرة ليس الصراخ مزاحا و ليس قادم من احد منهم بل تطفلت النظر ووجدتهم ينهالون بالضرب علي رجل يبدو عليه الهلك و العجز من كثرة الضرب لم يقاوم و لم يتحرك فقط يضربونه بشده و كأنهم يرغبون في موته متعمدين ولولا اني احفظ هيئتهم و ملابسهم المعتادو و صوتهم حتي و هم سكارى لم يتغير لما ادركتهم و هم مقنعين حاولت الالتتفات و المضي في طريقي لكن لسبب مجهول توقفت اشاهد متحيره ماذا يجب علي فعله .
اقتربت اكثر فادركت الرجل انه ذلك الشاب الضرير العطوف الذي يأتي الي المقهي و يؤنسني بنكاته اللطيفه انه الطف و اثمن زبون عندي و كاد يكون الشخص المفضل عندي في المقهي بل في المدينة بأكملها لا لبقشيشه البازخ و لكن لطيبة قلبه و ما اجده فيه من الفة و امان و انه يذكرني بأبي المتوفي .
ذلك الرجل الطيب ماذا قد يكون ان فعل لينهال عليه بالضرب بهذه الطريقه المتوحشه بأي ذنب قد اُخذ ليتطاول عليه هؤلاء الحمقى و كيف جاءتهم الجرأة لايذاء رجل ضرير لا حول له و لاقوة .
- انتم ايها الحمقى ماذا تفعلون .؟