" صلصال لا ينكسر "
تأليف: لمياء العيدودي
تصميم غلاف: إيمان حكيم
تصحيح إملائي وضبط سياق: لمّام
يتحدث المقال عن تذكير الإنسان بطبيعته وقوته المحدودة جدا التي خلقها الله تعالى له واستخدامها بين مطبات الحياة المختلفة، والواقعة على كاهلة.
كما أن عليه الصمود والإنجاز والإستمرارية
انشر معنا على الموقع وتواصل معنا مباشرة
قراءة مقال " صلصال لا ينكسر "
" صلصال لا ينكسر "
إن صراع الإنسان في الحياة قائم منذ الأزل منذ أول الخلق سيدنا آدم عليه السلام إلى يوم القيامة بين منتصر ومنهزم باياك نعبد واياك نستعين فيمر بمراحل عديدة لمعرفة نفسه ويدرك مكنوناتها فلا يجدها إلا في محراب العبودية بين يدي الله عزوجل في الخلوات
" مراقبة النفس وتقوية القلب لجعله صلصال لا ينكسر "
حين ينفرد بربه مثلما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لتكون سنة الخلوة لصناعة الحياة من اعتزال الناس لتأديب النفس وتهذيبها أو لدراسة خطط جديدة وصناعة انسان رباني قادر على مواجهة الحياة.
ليعرف الغاية من الخلق ليخترق ويواجه الصعوبات التي تواجهه ليدرك من خلالها امتيازات كونه انسان
فلماذا إذاً يتعمد الخطأ ويتبع هواه رغم أنه يدرك أن النتيجة ستكون فرطا يخسر فيها نفسه فتتناثر مثل حبات العقد أو مثل حبات البلح الساقطة من عرجونها بعد أن كانت متماسكة مشتد العود تمهيدا لطحنها كذلك هي النفس الإنسانية إذا انقطعت أواصرها وتخلت عن النظام الذي كان يركز قواها ويذكرها بالغاية من الوجود فان انفرطت فلا خير فيها ولا غاية منها ترجى.
" كيف أجعل نفسي أقوى من الصلصال الذين لا ينكسر "
لعل السؤال السابق يثير تساؤلات أخرى في عقلك، مثل هل يمكن تقوية النفس بسهولة؟ وهل يستطيع أي أحد فعل ذلك؟
فالإجابة نعم؛ ويكون ذلك بخطوات وأولها وأهمها هي مراقبة النفس.
لذا أصبح من الضروري مراقبة النفس وضبط إعداداتها لتصبح أفضل نسخة من اليوم الذي عشته أمس، دائما تستحق حذف الماضي والبدء من مكان جديد ليرافقه في رحلته الأمل واليقين واليقظة مع توبة صادقة بعيدة عن الكنود القديم فلا تترك له فرصة في أن يكون عائقا أمامها
(52) ۞ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) سورة الزمر
وما يزيد من جمالية التوبة لله عزوجل الحديث القدسي
الذي أخبرنا به جل في علاه على لسان نبينا محمد ( prophet Mohammed ) عليه أفضل الصلاة والسلام
{قالَ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعوتَني ورجوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ، ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً}
التوبة إلى الله
فالرجاء من الله عزوجل فإن كان الله معك فمن يقدر عليك؟ وإن كان سَلَّط أضعف جنده عليك - والعياذ به سبحانه - فمن لك ينجيك يا مسكين
{ مَنْ يَهْدِ اللَّه فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ } سورة الأعراف آية 178
فضرورة التدبر في هذا الحديث والآية من سورة الأعراف تجعلك تخرج بقناعة تامة أن الأمر كله لله فإن ترك الانسان لنفسه لكانت نهايته مأساوية، فجانبها الأمّار بالسوء سيخيل لك أن العودة لله عزوجل قصة خيالية وأن جميع الأبواب من حولك أغلقت؛ لكن الرحمات تأتي من جميع الأبواب حتى وإن كانت من أكثر الأبواب انسدادا وأقلها إقبالا.
فحتى لو بلغت ذنوبك عنان السماء وأقبلت على الله عزوجل منكسر القلب، ذليلا على بابه، لن يغفر ذنوبك فقط! بل سيرفع مقامك عنده فيبدل المعاصي بالحسنات ويمسح المعصية من قلبك فتجد في روحك إقبالا على الحياة وتجديدا للنفس وانفتاحا على الطاعات وإقبالا على الفلاح بطريقة عجيبة، تستغرب أنت نفسك منها، فإن وجدت كل هذا فلا تستغرب أليس الأمر كله من الله وإلى الله؟
فلا تنسى أنك طين لا ينكسر إن كنت مع الله.
فكن بجواره تنجو وإن ابتعدت عنه فأنت خاسراً خسراناً مبيناً.
انتهى.