" شجرة بلا جذور "
تأليف: منى محمد عبد المحسن
تصميم غلاف: آية رضا
نبذة عن قصة " شجرة بلا جذور "
بضع صفحات من يوميات فتاة تكتب لوالدتها المتوفاة عن رحلة انتقالها إلى منزل جديد في مدينة جديدة مواجهة خوفها من الاشباح والوحدة.
ليظهر لها جار غامض يشغل حيزا كبيراً من وقتها.
فتسعى طوال الوقت لكشف سر ذلك الغموض المحيط به.
انشر معنا على الموقع وتواصل معنا مباشرة
اقتباس من قصة " شجرة بلا جذور "
الاقتباس:
في مساء يوم الخميس تلقيت مكالمة من نديم العقاد هكذا كنت قد حفظتُ رقمه، قال أنه يريد أن يؤكد علي موعدنا غداً ثم أستمرينا في الحديث إلى وقتٍ طويل. تحدثنا في أمور كثيرة، كانت أول مرة نتحدث فيها على الهاتف. تحدثنا عن الدراما التي يفضلها كلينا وقد أفصح عن أنه هو الأخر يحب الدراما الكورية ومتابع جيد لها.
- أي دراما تفضلين؟
- الرومانسية في الحقيقة، قلت بخجل.
- أحب الدراما البوليسية ودرما الجريمة قال ثم بدأ يسرد علي اسماء المسلسلات التي شاهدها ويرشح لي مسلسلات أيضاً لمشاهدتها. إلى أن قاطع حديثنا صوت موسيقى مرتفع صادر من الخارج، كانت الواحدة بعد منتصف الليل وبدا مشغل الموسيقى وكأنه مثبت أسفل نافذة غرفة النوم.
ذلك الذوق المريع من الموسيقى أعرفه جيداً، أكملنا حديثاً أنا ونديم إلى أن أصبحت الثانية صباحاً ومع ذلك لم تتوقف الموسيقى.
- أريد أن أنام. قلت بصوتٍ باكاً لنديم ثم فتحت النافذة والقيت نظرة سريعة على منزل ذلك الوغد، فوجدت أن كل الأضواء مضاءة والنوافذ مفتوحة.
- سأنادى عليه.
- هل سيسمعك؟ سألني نديم.
- هل أنا أعرف اسمه حتى! قلت ساخرة من نفسي
- هل أبلغ الشرطة؟
- لسنا في سويسرا، لن يكترثون.
كان الأمر يزداد جنوناً والموسيقى صاخبة لدرجة لا تطاق خاصة بعدما أنهيت مكالمتي مع نديم ولم يعد هناك أمر أخر يشغلني سوى شعوري بالنعاس.
غادرة سريري برغم النعاس الذي بدأ يتسلل إلى وارتديت سترة فوق البيجامة لتقيني من هواء الخريف الذي يصيب عظامي بالألم وخرجت من المنزل.
كانت غرفة حارس تلك البناية مغلقة ومظلمة لابد أنه يغط في النوم لذا لم أفكر في إيقاظه.
عندما وصلت أمام باب شقته كانت الموسيقى تصدح من خلف الباب وكأنها تفر من الداخل وكأن المكان بالداخل لم يعد قادراً على أتحوائها. علقت يدي على الجرس، سمعت صوت الموسيقى يٌخفض وبعد لحظات فُتح الباب وبرز عاري الصدر من خلفه ظل يحدق في وكأنه في انتظار أن أفصح عمَ جاء بي إلى شقته. أي حماقة ارتكبت بمجيئي إلى هنا، هذا ما كنت أفكر فيه لحظتها.
تراجعت إلى الوراء ووقفت أمام باب المصعد مباشرة
- هلا أوقفت هذه الموسيقى من فضلك إنها الثالثة فجراً ولست قادرة على النوم بسببها إن الصوت مرتفع للغاية.
بقيا وجهه على جموده وكأنه لا يفهم حديثي بل لا يراني وبدون أن ينبث بكلمة أغلق الباب في وجهى وتركني أطن من غيظ كبعوضة أسفل ضوء مصباح السلم. تملكني الغضب فضربت الباب بقدمي بقوة وأنا أصيح.
- من تظن نفسك، أليس لديك ذوق ولا حس بالوقت أيها الملعون الغبي. قلت وأنا أضغط زر استدعاء المصعد وقبل أن يصل أنطفأ ضوء السلم فأثار الرعب في نفسي لكنني حمدت الله على وصول المصعد في اللحظة المناسبة.
...
- هل أنتِ مجنونة. كان هذا أول شيء قاله نديم عندما أخبرته بما حدث أثناء خروجنا من المركز بعد انتهاء عرضه وقد لاحظ أنني لا أسير بشكل جيد عندما التقينا لكنني طلبت منه تأجيل الحديث عن الأمر لحين أنتهاء عرضة
- كيف تذهبين إلى شقة رجل عازب في وقتِ متأخر كهذا وبمفردك، ماذا لو تعرض لكِ بسوء.
- لست أدري كيف أخذتني قدماي إلى هناك، لكنني كنت منزعجة جداً.
- لا يجب أن تذهبي إلى هناك مرة أخرى أبداً مهما حدث، أتفهمين. قال نديم يحذرني بجدية مشيراً إلى بسبابته قبل أن يفتح باب سيارته لي.
كانت تلك أول مرة أرى فيها نديم منزعجاً إلى هذا الحد.
- أتدري لو أنه فعل هذا مجددا سأقوم بإبلاغ الشرطة.
- أنتِ سادجة جداً، ماذا تظنين أنهم سيفعلون له، أتدري ما هي عقوبة إزعاج الجيران غرامة خمسة وعشرين جنيهاً
- ماذا، فقط، ظننت أنهم سيجرونه إلى قسم الشرطة، تباً. لكن كيف تعرف هذا.
- إن كان والدك محامي فستجدين نفسك تعرفين الكثير من القوانين والعقوبات.
- والدك محامي، ولماذا لم تلتحق بكلية الحقوق مثله؟
- ألا يكفي أن شقيقي الأكبر أتبع خطاه، لذا كان دائما الابن المدلل المحبوب الذي يحقق للجميع رغباتهم ويحبه الجميع بينما كنت أنا الابن الشقي الذي لا يعجب ولا يشبه أحداً من العائلة.