" قيد الحواس "
تأليف: سهير المصطفى
تصميم غلاف: منى شومان
نبذة عن كتاب " قيد الحواس "
شذرات من عمق الروح غصّت بها الذاكرة، فخرجت ترقص على رؤوس الأقلام منتشيةً تتساقط على الورق كنصوص نثرية وخواطر تخاطب النفس البشرية..
أكثر قيد للحواس في الحب هو الغياب، تخضع له أساريرنا دونما إفلات من قبضته المحكمة على مشاعرنا، فيأتي الانتظار مرهقًا للجسد والنفس، فتختلط الكلمات بين عتاب ولوم، اشتياق واحتراق، استياء من تصرفات الحبيب وغيابه اللامبرر وتركه معلقًا بحبل الانتظار الممزق، ما يلبث أن يسقط في هاوية اللاشعور حينما يزيد الحب عن حده ويقابل بالخذلان.
الندم يأتي مختالًا في بعض النصوص يحكي عما تخبئه سريرة المحب حينما يجد أنه قد بذل الكثير من المشاعر وسكبها في إناء مثقوب فضاعت دون جدوى، تغزو التساؤلات تفكيره وتخيم على ذهنه الحيرة ليرى نفسه يسير في سرداب العلاقة المظلم الذي لا نهاية له، ولا بصيص أمل يعيد إليه روحه التي زهقت في حرب ضارية بين البقاء والرحيل..
الذكريات تقفز هنا وهناك، والنسيان خدعة، يخدر بها المرء صداع الذاكرة..
انشر معنا على الموقع وتواصل معنا مباشرة
اقتباس من كتاب " "
الاقتباس الأول:
أنا التي طلبت من الحياة أن تهبني أجمل ما فيها فوهبتني حبك.
طلبت من حبك أن يهبني أصدق ما عنده وهبني الفراق..
فراقك الحقيقة الوحيدة الصادقة في قصتنا.
والأبدية كذبتنا التي أمليناها على بعضنا وزيّنا بها جديلة الليل الشاهد علينا.
لو أننا سمعنا صمت أعيننا العاشقة لاكتفينا به عن كل الأحاديث التي اختلسناها عنوة من بين زحام الساعات الممتلئة بكل شيء عداي.
حتامَ إذن أهرول في دولاب انتظارك كفأر أحمق، وأبذل قصارى جهدي لأصل إليك حتى أسقط مغشيًا علي وأنا لم أبرح مكاني
الاقتباس الثاني:
بعد وعوده الكثيرة لها باللقاء، التقيا صدفة في المقهى بعد طول غياب، جلسا على الطاولة متقابلين وطلبا فنجاني قهوة، حاولت جاهدةً أن لا تقع عيناها في عينيه كي لا تضعف أمامهما.
قال لها بعد دقائق من الصمت: قولي ما عندك أنا أسمعك.
حاولت استجماع نفسها لتبدو أكثر ثباتاً موشحةً بنظرها نحو النافذة ثم بدأت بالحديث:
_ تعمدت أن أكشف عيوبي لك منذ بداية تعارفنا فإن كانت لا تروق لك لا تكمل معي ولأختبرك إن كنت ستحبني في جميع حالاتي كي نبدأ بالنهاية قبل أن يتعلق قلبي بك لكنك أصريت على المتابعة.
وعندما رأيت اندفاعك نحوي وحبك لي وعنادك على خوض هذا الحب فتحت لك باب قلبي على مصراعيه وأغلقت عليك مطمئنة بأنك لن تخذله ولن تعبث به.
كنت سعيدةً بك، وثقت فيك أكثر من نفسي، أظهرت لك جميع نقاط ضعفي فاستغليتها جميعاً ..
قاطعها قائلاً: لكني لم أكذب عليك وأحببتك حقاً..
_لا تقاطعني أرجوك..
قالتها وتناولت فنجان القهوة الذي يتراقص بيدها ارتشفت منه القليل وأعادته على الطاولة وثبتت ناظريها أمامها .
_أكملي، قالها وأشعل سيكارته ونفث منها ملء رئتيه ..
_أخبرتك بأني مزاجية ومجنونة، كنت تقول لي أجمل شيء فيكِ جنونك وأنا كنت أصدق.
كنت أقول لك بأن غيابك عني بضع ساعات يجعلني حزينة وإن استقبلتك بالعتاب لا تنزعج، كلمة منك تعيد إليّ توازني، كنت تقول لي سأتحملك..
كنت أقول لك لا تغادرني كان ذلك أكثر شيء أخشاه فكنت تقول لي لن أتركك يا مجنونة وصدقتك.
كنت أقول لك بأنك الوحيد الذي يفهمني، كنت تقول لي منذ اليوم أنا سندك؛ وصدقتك.
شرب فنجان القهوة بجرعة واحدة ونفث دخان السيجارة التي عبّها بسرعة ورمى بعقبها على الأرض ثم قال:
_أنا لم أكذب عليكِ لكنكِ أنت من أجبرني على الابتعاد.
_دعني أكمل كلامي، فأنا انتظرت هذا اليوم طويلاً لأقول كل ما عندي لك، لأني لحد الآن لا أصدق بأنك فعلت بي ما فعلت ..
الاقتباس الثالث:
يا حبيبي يا طفلي الشقي.
كان الكذب خدعتك الصادقة لتسلب مني فيض الشعور.
وكنت أنا أبحر في سفينةِ عشقكِ المثقوبة رغم حدسي بالغرق، إلا أني ظننتُ أن الحبّ يصنع المعجزات.
لسانُك الذي يقطر عسلًا، كنتَ تضعهُ في ثقب شجرةٍ اتخذه النحل بيتًا، تدّمّرُ مملكته وتأتي راكضًا نحوي، فتبهرني...
أصّدقك؟؟ لا بل كنت أتصنع التصديق..
أتجاهل وخزاتِ أبَرِ النحلِ الذي يلاحقكَ ويحيط بي، وتتركني مشغولة بنزع أشواكها عن جلدي بعد أن تلسعني وتموت..